سورة العنكبوت - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (العنكبوت)


        


قوله تعالى: {وما هذه الحياةُ الدُّنيا إِلا لَهْوٌ ولَعِبٌ} والمعنى: وما الحياةُ في هذه الدنيا إِلا غرور ينقضي عن قليل {وإِنَّ الدَّار الآخرة} يعني الجنة {لَهِيَ الحَيَوانُ} قال أبو عبيدة: اللام في {لَهِيَ} زائدة للتوكيد، والحيوان والحياة واحد؛ والمعنى: لهي دارُ الحياة التي لا موتَ فيها، ولا تنغيص يشوبها كما يشوب الحياةَ الدُّنيا {لو كانوا يَعْلَمون} أي: لو علموا لرغبوا عن الفاني في الباقي، ولكنهم لا يَعْلَمون.
قوله تعالى: {فاذا رَكِبُوا في الفُلْك} يعني المشركين {دَعَوُا اللّهَ مُخْلِصِين له الدِّين} أي: أفردوه بالدُّعاء. قال مقاتل: والدِّين بمعنى التوحيد؛ والمعنى أنهم لا يَدْعُون مَنْ يَدْعُونه شريكاً له {فلمَّا نَجَّاهم} أي: خلَّصهم من أهوال البحر، وأَفْضَوا {إِلى البَرِّ إِذا هم يُشْرِكون} في البَرّ، وهذا إِخبار عن عنادهم. {لِيَكْفُروا بِمَا آتيناهم} هذه لام الأمر، ومعناه التهديد والوعيد، كقوله: {اعْمَلوا ما شِئْتُم} [فُصِّلت: 40]؛ والمعنى: ليَجْحَدوا نِعْمة الله في إِنجائه إِيَّاهم {ولِيَتَمَتَّعُوا} قرأ ابن كثير، وحمزة، والكسائي باسكان اللام على معنى الأمر؛ والمعنى: ليتمتعوا بباقي أعمارهم {فسوف يَعْلَمون} عاقبة كفرهم. وقرأ الباقون بكسر اللام في {لِيَتَمتَّعُوا}، فجعلوا اللاَّمين بمعنى كي، فتقديره: لكي يكفُروا، ولكي يَتَمتَّعوا، فيكون معنى الكلام: إِذا هم يُشْرِكون ليكفُروا ولِيتمتَّعوا، أي: لا فائدة لهم في الإِشراك إِلاّ الكفر والتمتُّع بما يتمتَّعون به في العاجلة من غير نصيب لهم في الآخرة.


قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَواْ} يعني كفار مكة {أنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً} يعني مكة؛ وقد شرحنا هذا المعنى في [القصص: 57] {ويُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حولهم} أي: أن العرب يَسْبي بعضهم بعضاً وأهلُ مكة آمنون {أفبالباطل} وفيه ثلاثة أقوال.
أحدها: الشِّرك، قاله قتادة.
والثاني: الأصنام، قاله ابن السائب.
والثالث: الشيطان، قاله مقاتل.
قوله تعالى: {يُؤْمِنونَ} وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، وعاصم الجحدري: {تُؤْمِنونَ وبنِعمة الله تكفُرونَ} بالتاء فيهما.
قوله تعالى: {وبنِعمة الله} يعني: محمداً والإِسلام؛ وقيل: بانعام الله عليهم حين أطعمهم وآمنهم {يكفُرون}، {ومَنْ أَظْلَمُ مِمَّن افترى على الله كَذِباً} أي: زعم أن له شريكاً وأنه أمر بالفواحش {أو كذَّبَ بالحق لمَّا جاءه} يعني محمداً والقرآن {أليس في جهنم مثوىً للكافرين}؟! وهذا استفهام بمعنى التقرير، كقول جرير:
ألَسْتُمْ خَيْرَ مَنْ رَكِبَ المَطايا *** وأندى العالَمينَ بُطونَ راحِ
{والذين جاهَدوا فينا} أي: قاتلوا أعداءنا لأجلنا {لَنَهْدِيَنَّهم سُبُلَنا} أي: لَنُوَفّقَنَّهم لإِصابة الطريق المستقيمة؛ وقيل: لَنَزِيدنَّهم هِدايَة {وإِنَّ الله لَمَعَ المُحْسِنِينَ} بالنُّصرة والعون. قال ابن عباس: يريد بالمُحْسِنِين: الموحِّدين؛ وقال غيره: يريد المجاهدين. وقال ابن المبارك: من اعتاصت عليه مسألة، فليسأل أهل الثُّغور عنها، لقوله: {لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8